لاقى قرار الكنيست الاسرائيلي بتاريخ 22 من تموز العام الحالي بتصنيف وكالة الغوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للأمم المتحدة كمنظمة أرهابية وابلا من الادانات من المجتمع الفلسطيني والاردني والدولي. حيث قالت حماس في بيان لها أن سلطة الاحتلال "تسعى لإنهاء القضية الفلسطينية وفي مقدمتها قضية اللاجئين، وحقهم في العودة إلى ديارهم،" وأدانت الخارجية الاردنية القرار واعتبرته اغتيال سياسي للوكالة ورمزيتها. كما تعالت الاصوات في الامم المتحدة أن اسرائيل تطبق مبدأ العقاب الجماعي حين أعرب الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش عن موقفه بشأن القرار الذي يطال الفلسطينيين وامكانية تلبية احتياجاتهم، وبحسب المفوض العام للاونروا فيليب لازاريني الذي صرح أن القرار غير مسؤول لا سيما في فترة الحرب والنزوح. وتتوالى الأصوات على منصات التواصل الاجتماعي التى ترى أن ادعاءات اسرائيل هي محرضة ونابعة من تاريخيها الطويل للنيل من حقوق اللاجئيين الفلسطينيين وسلبهم حقهم المشروع في العودة.
تقدم وكالة الغوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينيين (أونروا) خدمات التعليم والرعاية الصحية والمساعدة وخدمات الشؤون الاجتماعية والبنية التحتية في المخيمات منذ ابتداء عملها الرسمي عام 1950 تلبية لواقع النزوح واللجوء للفلسطينيين. وبغياب أية حلول لمشكلة اللاجئين، فإن الوكالة تواصل تقديم مساعداتها للملايين من اللاجئين الفلسطينيين عن طريق المساهمات الطوعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وبتجديد ولاية الوكالة من قبل الامم المتحدة، تم تمديده مؤخرا لنهاية شهر حزيران من عام 2026. يشير قرار الكنيست الأخير أن الموقف الاسرائيلي من الوكالة وعامليها، يتعمَد تثبيت الفكرة المضللة أن الارهاب هو منبع مؤسسي، قابل للتعرف عليه وبالتالي القضاء عليه. الموقف الاسرائيلي عبر تاريخيه يحاول ردم الفجوات في الوعي الدولي عن شرعية الدولة، بمعنى أن الايمان المطلق بأحقية وجود دولة اسرائيل وسياساتها "بحق الرد" لحماية أمن وسلامة أفرادها يعاني من المشكلة الأخلاقية الأزلية لأية دولة احتلال: وهي أن الحماية والدعم يجب أن يقدَم أيضا لسلامة وأمن الشعوب المحتلة. وبالتالي يشكل القرار الأخير اقرارا أن الاحتلال هو حالة طارئة على الوطن العربي مازلنا نشهد تداعياته، وأن القضية الفلسطينية هي قضية أمن انساني وعدالة اجتماعية ليس فقط للشعب الفلسطيني بل أي مؤمن ومدافع عن حقوق الانسان، وأن الارهاب لا يمكن أن يوصم به مؤسسة أو شعب أو شعوب بأسرها تضامنت مع الحراك الفلسطيني.
قد يكون تداول مصطلح "العقاب الجماعي" هو اعتراف ضمني بصحة مزاعم دولة الاحتلال، لكن القضية الأسمى أن الوكالة وعملها والمؤمنين برسالتها هو انعكاس للواقع الفلسطيني داخل غزة والضفة المحتلة والاردن وسوريا ولبنان. الواقع الذي يمارس فيه العنف من قبل الاحتلال بشكل يومي بكافة اشكاله، وأن سلب الكرامة الانسانية في شتى مناحي الحياة ما هي الى محاولة الى اقتلاع الهوية الفلسطينية وتشكيل وعي متطرف ومتجذر أن وجود الدولة الاسرائيلية يتضمن بالضرورة الغاء الآخر.
لا يمكن وصم أية منظمة تعمل على تقديم المساعدة وايصال أصوات المطالبين بحقوقهم بالارهاب. ليس فقط من دواعي المغالطة والاساءة لعمل أو هويات أو نوايا الافراد العاملين فيها، بل لأن الوصم بالارهاب ينفي الاخر، ويبعد التفكير والقاء الضوء على سياسات التهميش والاقصاء الممنهج التي تنال الفلسطينيين وتنالنا جميعا في المحصلة.