سوريا. هذا كل ما عليك قوله. وإذا أردت أن تشرح، اعتمد ما قاله ستيفان دي ميستورا: أزمة سوريا هي أسوأ فشل للمجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، ولها القدرة على التوسع إلى خارج المنطقة. تحولت كل التحديات، والمعاناة، وتبادل السلطات، والمستحيلات، ومهما كانت مفاوضات السلام الى محادثات غير مجدية.
حتى الآن. تم تحديد يوم غد، 25 كانون الثاني، لعقد مؤتمر جنيف الثالث. للمرة الأولى منذ عام 2011، سيعترف أصحاب المصلحة الدولية الرئيسية كيف ولد فشلهم وضعا لا يرغبون به أساسا. ويبدو أن هذا قد غيرت اهتمامهم في الصراع السوري، ,والسياسات التي تلت ذلك تدعو للتحلي بالأمل.
نعم، أنا أتحدث عن عملية فيينا. ونعم، وأنا أعلم أنها تحتوي على بعض الرؤى غير الواقعية. تدعو الفقرة السابعة من إعلان فيينا لثلاثة أمور. أولا، حكم ذي مصداقية، شامل للجميع، ما يتجاوز مسألة الحكومة. جيد. ولكن هل لاحظتم كم كان من الصعب بناء حكم شامل في ليبيا؟ فجمع جماعات المعارضة المسلحة التي يبلغ عددها 1200 في نموذج الحكم السوري هو مشروع أكثر صعوبة. ثانيا، صياغة الدستور. أي شخص يتبع التلاعب الدستوري التونسي والمصري في السنوات الخمس الماضية يعلم أنها عملية طويلة – وهنا نتحدث عن بلدين لم يتم قتل 000 250 شخص في النزاع المسلح. ثالثا، تدعو إلى عقد انتخابات - سواء البرلمانية والرئاسية - في غضون 18 شهرا، وفقا للمعايير الدولية، وتحت إشراف الأمم المتحدة. أمر يعتبر مفرط التفاؤل ويحتمل أن يكون خطرا. فتظهر الأبحاث أن إدخال الديمقراطية في البلدان ذات الدخل المنخفض في مرحلة ما بعد الصراع يزيد من خطر العودة إلى العنف بنسبة 70 في المئة.
يتعلق الأمر بأن محتوى الإعلان ليس ما يهم. حقيقة أنه تم عقد مؤتمر فيينا الأول والثاني هو ما يهم. وهناك أمران ينبئاني بأن الأحوال قد تبدلت. أن جنيف III لن يتحول إلى محادثات غير مجدية.
أولا، في عملية فيينا، يمكن للولايات المتحدة وروسيا أن تتفقان على أنهما لن تتفقا حول الأسد. قد يبدو هذا لا معنى له، ولكن كان من المهم بالنسبة لهما لبدء الاتفاق على نقاط أخرى: تماسك سوريا، أي أن خطة لتقسيم البلاد أمر غير وارد، نمو التطرف العنيف يشكل تهديدا لجميع أصحاب المصلحة؛ وأنه لا وجود لمنتصرين. عند البدء بترسيم المصالح المشتركة، عندها، يتم إحراز تقدم ملموس فعلي. تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا حول أوكرانيا. لذلك، يعتبر تواجدهما في الغرفة نفسها، على الجانب نفسه من الطاولة، متفقتان مع بعضهما البعض ... خطوة كبيرة إلى الأمام. وفي الغرفة نفسها، تواجدت المملكة العربية السعودية وإيران والأردن والمملكة المتحدة وتركيا وفرنسا وغيرها. هذا ما يسمى بإحراز التقدم.
حسنا، أنا أعلم ما تفكرون به. الشرخ الطائفي بين السعودية وإيران. تركيا والأكراد. اسقاط الطائرة الروسية. ولكن هذه هي النقطة الثانية التي سأتحدث عنها. لنقولها بصريح العبارة: هذا خبر سار. يبدو ذلك وقحا، لكنه يشير إلى أن الجهات المعنية قد بدأت بالشعور بأن المفاوضات الحقيقية أمر لا بد منه، أن حل النزاع يلوح في الأفق، ولولا يزال متقدما بفارق كبير. هذه هي تكتيكات التفاوض البدائية: تدعى عملية ما قبل التفاوض على المواقع السياسية. قبل البدء بأي مفاوضات، سترغب الأحزاب كسب موقف أقوى للاستفادة ضد الآخرين، وبالتالي عندها ترى بيانات قوية أو زيادة في النشاط العسكري.
وبالمناسبة، أدت عملية فيينا إلى ولادة المجموعة الدولية لدعم سوريا (ISSG)، والتي وفقا للمحلل آرون لوند كانت "بالتأكيد أكثر خبر إيجابي لا لبس فيه لهذا العام".
كل هذا أبعد ما يكون عن حل شامل، فالمأساة السورية، والحقائق على الأرض لا تزال موجودة. لا يزال هناك الكثير من المعاناة الإنسانية. ولن يضعف الخلاف. لكن التقدم الدبلوماسي، والتخشين الدولي، والجهات الفاعلة التي تنخرط فعليا في الحوار والنقاش أمر يدعو إلى الأمل. فإنه يدل على أن الفرضية قد تغيرت، وذلك قد يؤدي إلى الحل السياسي الشامل الذي تحتاجه سوريا.