الكاتبة: رغد ابو حليمة
إلى أُردنِّ الخيرِ وما من جمالِ الكونِ إلّا وقد نَقَسَ بين ثناياكِ، عن أيِّ حُبٍّ نتكلم؟
عن عشقِ شابة تعطشت إلى تربة وطنها أم قلب مغتربٍ يعدُّ الساعات والثواني؛ لِيُغلقَ حقائبَ الغربةِ وأَلَمُها ويعودُ حاملاً الشوق إلى نسيمِ الأُردنِّ الذي تحلو فيهِ الحياة فتَدبُّ الروحُ في فؤادهِ كَيومِ ولادَتِهِ...
أُردنّي الحبيب..
كُلُّ زاويةٍ فيكَ تشهدُ على عظمةِ تاريخِكَ من معركةِ بابِ الواد إلى معركةِ اللّطرون إلى معركةِ الكرامةِ التي لاتزالُ مَصدَرُ فَخرٍ لِكُلِّ عربيٍ وعربيّة..
كُنتَ أَعظمُ جزءٍ في كُتُبِ التاريخِ المصفوفة في جدرانِ المكاتبِ العريقة.. ويتساءلون عن حبي لك!! أيوجد حُبٌ مثلَ عِشقي لك؟
أنتَ يا أردنُّ ملاذِ كلِّ مُستنجِدٍ ومَلجأ كلُّ من تَقَطعت بِهِ السُبل..
جسّدتَ يا أردنّ كُلّ معاني الإنسانية رُغمَ محدودية المَوارِدَ وَقِلَّتِها..
أَتحدثُ عَن مِقدارِ الفخرِ الذي تحمِلُه نفسي وَتَتَباهى بِه أَمام المَلأِ عِندما أَحمل جواز السفر الذي يَتَزيّنُ بِاسمِ "المملكة الأردنية الهاشمية".. أَم عِندما أَتَرَأَسُ مَسؤولية تَنظيمُ الفرعُ الأردنيّ في يومِ التراثِ في رحابِ المدرسة..
أُنَظِمُهُ وأَسخى بِحُبي وكَأنّني أُجهِزُ أَغلى ما رُزِقت به فيظهر بأجمل حُلّة أمام الجمهور والحاضرين، ثمّ أبدأُ في التحدث عن وطني وتلمعُ عينايَ حباً، فما يوجدُ في القلبِ يَصعَبُ على مُقلَتَيِّ إِخفائُه..
يا مملكتي الأردنية الهاشمية...
يحتفلُ شعبُكِ بعد بضع أيام بإكمالكِ المئة عام!!
نعم... مئة عام مضت من التطور والحضارة وقد زادك الله جَلّ جلاله بهاءً وجمالاً من شِمالك المفترش بالأخضر إلى الوسط إلى الجنوب الأصيل..
كُلّما قرأتُ اسمكِ أو رنَّ اسمكِ في أُذُني فإذا بقلبي يُرَفرِفُ ويرسمُ ابتسامةَ فخرٍ لا شعوريا ًعلى شفتيّ..
يا سعادةُ شعبُكَ يا أردنّ فأينما ذُكِر اسمكَ ذُكرت الكرامةُ والتضحيةُ العربية الأصيلة..
ما من مكانٍ يَرحلُ إليه أردنيّ أو أردنية إلّا وقد تَركَ وراءَه كلُّ ما يدعو حتى يُشار إليهِ بِالبنانِ، ويُقال: ذاكَ النشميُّ الأصيل..
كانت من أجمل الرحلات التي مَررتُ بها هي تلك الرحلة المتوجةُ نَحوَ البتراء، إحدى عجائبُ الدنيا السبع..
لحظة انطلاق الحافلة يبدأُ الحماسُ ينتشر في المكان، وما هي إلّا بِضعُ دقائِقَ حتى بدأت روحي تَنبهرُ بجمالِ هذه الأرض..
لمْ تَهدأ آلة التصوير خاصَّتي من توثيقِ هذه المناظر.. فممرنا بالشوبكِ والتقينا بأهلِها وبساطتهم.. ثُم وصلنا إلى البتراءِ ولم أصدق عيناي من أُعجوبة المكان..
جبالٌ وحجارةٌ نُقِشَت وَحُفِرت؛ لتبني ما نراه اليوم، حقاً إنها أعجوبة!!
في كُلَّ ميلٍ كانت تسيرُهُ الحافلة كانَ يزدادُ حبّي وتعلقي بهذا الوطن..
ثُمّ ننتقلُ لنتأمل جمال الحياة في جنّةِ الأرض ..
المملكة الأردنية الهاشمية.. دعوني أحدثكم عنها..
هنا في أَرضِنا نعيشُ كعائلةٍ كبيرةٍ لا يجمعُها الدمُ فقط.. بَل الإخلاص وحُبُّ الجاريجمَعُنا..
ففي كلِّ حارةٍ يتجمعُ أطفالُها وشبابُها؛ لتبادل الحديث عن كُلِّ ماهو مستجدٍ في عصرهِم..
وتنتشرُ رائحة الفَلافِلُ صباحاً وأصواتُ الرجال: "نص دينار فلافل أبو أحمد"..
هناك...
تسيرُ الفتياتُ يتحدثنَ وتتعالى ضحكاتِهُنَّ البريئة..
وفي وسط الشارع يتبادلُ الأطفالُ كرةَ القدمِ بينهم، فيِهتِفُ أحدهم لِتسجيلِه هدف، وإذا بِأَصدقائِهِ يركضون نحوَهُ وتتعالى أصواتُهُم باعثةً روحٍ في الأرجاء..
تتبادل الجاراتُ الحديثَ عند مغادرةِ أزاوجهنَّ إلى العملِ صباحاً.. فيتحدثونَ عن الطبخِ وتتبادَلنَ أسرارِ وصفاتِهِنَّ اللذيذة، وما إِن يحلُ العصرَ إلّا وقد صَنَعت أَيدِيَهُنَّ ألذُ الأَطعمة.. فتنادي الأُمُّ أطفالِها الذين استَنفَذوا طاقاتِهم في اللَّعبِ؛ لِيَأكلوا وَيَعودوا بِكلَّ حماسٍ إلى الشارعِ مرةٍ أُخرى..
أمّا عن تَرابُطَ العائلات..
فَكُل نهاية أسبوع تَتَجمعُ العائلاتُ في بيتِ الجدِّ الأكبر وتَتَعالى الهَمهَماتُ وصرخاتُ الأَطفالُ والضحكاتِ في وقتٍ واحد..
هذه الأصواتُ أَحبُّ ما تَسمَعُهُ أُذني.. فَتَهِبُّ روحُ السعادة في المكان..
أَينما سارت قَدَمُكَ في الأُردن تَلقى الإحسان.. الإبتسامةُ وَحُسنُ الخُلُق والضيافة..
هذا ما يُمَيِزُ أُردُنُّنا.. بل إنّ كُلُّ ما فيهِ مُمَيز..
فالتغدو شامخً وَلِيَبقى أُردُنُّنا بخيرٍ إِن شاء الله..
لتدومَ يا أُردنُّ تاجاً فوقَ الرؤوسِ ورمزُ العروبة إلى الأبد.
هذا المقال تم تقديمه إلى مسابقة مقالات وصور قاموا بتنظيمها معهد غرب آسيا شمال افريقيا ومؤسسة كونراد اديناور في العام ٢٠٢١ بمناسبة مئوية تأسيس الدولة الأردنية. يتحمل مؤلف المقال كامل المسؤولية القانونية عن المحتوى الوارد في المقال ولا يعبر هذا المحتوى بالضرورة عن رأي هذه المؤسسات.