يواجه الأردن تحديات بيئية صعبة، ويحتل المرتبة الثانية في معظم البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم. ويتفاقم الوضع الصعب بالفعل بسبب التدفق الكبير للاجئين وآثار تغير المناخ. كما أن الأردن هو أحد البلدان القليلة الموارد الفقيرة في غرب آسيا. إن تنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة يمكن أن يوقف التدهور الاجتماعي والبيئي في الأردن، ولكن ما المدى الذي وصل إليه الأردن في هذه العملية؟
تتولى وزارة التخطيط والتعاون الدولي مسؤولية التعبئة من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في الأردن، فضلا عن رصد وتقييم العملية. وكلفت أيضا بإعداد وتقديم التقرير الوطني الطوعي الذي قدمته إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى في الأمم المتحدة في شهر تموز/ يوليو الماضي.
ويقدم التقرير الطوعي من البلدان بحسب رغبتهم. في عام 2015 أنتج 22 بلدا تقاريرا طوعية. وسيقدم هذا العام أكثر من 40 بلدا تقارير طوعية، من ضمنها الأردن. ويتضمن التقرير تفاصيلا عن السبل التي يتخذها الأردن نحو تحقيق التنمية المستدامة. ويسعى أيضا إلى تعزيز السياسات والمؤسسات الحكومية من أجل تيسير إقامة شراكات بين أصحاب المصلحة والشأن المتعددين من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
أنتجت وزارة التخطيط والتعاون الدولي التقرير الوطني الطوعي للأردن إثر عملية تشاركية، ومع ذلك فإن خطة مشاركة التقرير الوطني الطوعي تفتقر إلى خطوة حاسمة تكمن في عرضه على أصحاب الشأن والمصلحة الرئيسيين. إذ اجتمعت وزارة التخطيط والتعاون الدولي مع مختلف أصحاب المصلحة والشأن منذ بداية العام، وعرضت خطتها وتلقت التغذية الراجعة، إلا أن التفكير في عرض التقرير الوطني الطوعي بعد إنتاجه أو مشاركته مع المجتمع المدني والمعنيين لم يكن أولوية للوزارة.
وبالنسبة للأردن، فإن أهداف التنمية المستدامة ذات أهمية خاصة لأنها تسعى إلى المشاركة ليس فقط على المستوى الدولي ولكن أيضا على المستوى الوطني. ويعتبر هذا التغيير في النهج أمرا حيويا نظرا لأن الجهات الفاعلة الدولية تسيطر منذ فترة طويلة على التنمية المستدامة.
وسبق أن مولت العديد من الوكالات المانحة والحكومات واستثمرت في ما اعتبرته أولويات للأردن. غير أن أهداف التنمية المستدامة تسمح للأردن بتحديد أولوياته الوطنية، إلا أن ذلك يتطلب تعزيز التعاون بين الحكومة والمنظمات المنفذة، وكذلك بين مختلف الوكالات الحكومية.
إن عدم مشاركة النسخة النهائية من التقرير الوطني الطوعي مع المجتمع المدني والقطاع الخاص لا يؤدي إلا إلى خلق فجوة بين الحكومة والمنظمات المنفذة، ما يدفعها إلى العمل في عزلة عن بعضها البعض. ويمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تشارك حقا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومع ذلك فإن معظمها يعاني من نقص في القدرات والمعرفة حول كيفية إعداد التقرير الوطني الطوعي أعدت فضلا عن مساءلته.
علاوة على ذلك، أظهرت المقابلات مع أصحاب المصلحة التي أجراها معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا أن (WANA) وزارات المياه والطاقة والبيئة حاولت مواءمة استراتيجياتها الجديدة مع أهداف التنمية المستدامة، ولكن لم يتم تعيين وحدة محددة لتولي مسؤولية عملية التنفيذ.
نود في معهد WANA أن نقدم إرشادات حول كيفية التصدي للتحديات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة بين القطاعات، بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت. وينصب تركيزنا على 3 أهداف تتحدث مباشرة عن التحديات الملحة في التنمية البيئية في الأردن: هي الأهداف 6 و 7 و 13.
ثبت أن إيجاد زخم للمضي قدما والمساعدة في مواءمة احتياجات أصحاب الشأن المصلحة أصعب مما كان يعتقد في البداية. وأثناء إجراء مقابلات معهم، أصبح من الواضح أن أصحاب المصلحة في المجتمع المدني والحكومة يكافحون أحيانا لفهم الحاجة إلى تنفيذ جدول أعمال التنمية المستدامة، لأن استراتيجياتهم تهدف بالفعل إلى معالجة نفس القضايا، وخاصة فيما يتعلق بندرة المياه والطاقة المتجددة. كما أن العديد من أصحاب المصلحة في الأردن يقومون –عن علم أو دونه- بتنفيذ مشاريع تتعلق بأهداف التنمية المستدامة في عزلة ودون التنسيق مع بعضهم البعض ما يزيد من صعوبة متابعة التقدم المحرز. بل إن خطط تنفيذ أصحاب المصلحة تتداخل مع بعض القضايا الأمر الذي يترك ثغرات في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
ما نحتاجه اليوم هو مقاومة الميل إلى التفكير والعمل في صوامع منعزلة، وبدلا من ذلك العمل على تعزيز ثقافة التفكير متعدد التخصصات وحل المشاكل. ويتطلب تنفيذ أهداف التنمية المستدامة نهجا متعدد القطاعات يأخذ في الاعتبار الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية لنظام ما، ما يزيد من تيسير اتباع نهج شامل إزاء التحديات المعاصرة الأخرى.
تحتاج بلدان مثل الأردن، التي تواجه ندرة حادة ومزمنة في قطاعي المياه والطاقة، إلى إطار للسياسات قائم على الأدلة وقابل للتنفيذ. ويجب أن يراعي خطط العمل الطبيعة الشاملة للمياه والطاقة في قطاعات مثل السياحة والزراعة والصناعة والصحة.
وبعد تقديم التقرير، يجب على الأردن الآن العمل بجد لتحويل هذه الخطط إلى عمل مع مراعاة الصلات المشتركة بين أهداف التنمية المستدامة وإشراك جميع أصحاب المصلحة. وإذا نجحنا في القيام بذلك معا فسنساعد على بناء المرونة والتكيف والقدرة على الصمود في وقت نحتاج فيه هذه القدرة إلى أقصى حد.