لا تزال تساؤلات كثيرة تطرح بعد الهزيمة العسكرية لتظيم داعش، أو ما يسمى بـ "الدولة الإسلامية" حول مستقبل المجموعة. وهنالك حاجة إلى أسلحة جديدة في المعركة الأيدولوجية الجارية، مع تحول المعركة من معركة قوة إلى معركة أفكار. قام معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا بتحليل محتوى إعلامي تم إنتاجه خلال شهر رمضان 2017، من أجل فهم أفضل لمقاربات جديدة لمنع ومكافحة التطرف العنيف (P/CVE) التي تم توزيعها في وسائل الإعلام.
تمت دراسة رسوم كاريكاتيرية شعبية من قبل فنانين محليين مثل عماد حجاج وحلقة من البرنامج الكوميدي وطن ع وتر والمسلسل التلفزيوني غرابيب سود. بالإضافة إلى إعلان مقدم من شركة الاتصالات زين. وسلطت النتائج الضوء على عدد من الثغرات في المقاربة الحالية، وكذلك بعض نقاط القوة فيها.
تركز العديد من جهود وسائل الإعلام الحالية على إبطال السرديات التي طرحها داعش. ويتم ذلك على سبيل المثال، من خلال تقديم رسائل الجماعات المتطرفة العنيفة من خلال محاكاتها، يلي ذلك تدخل إحدى الشخصيات، أو رواية نص ينفي الرسالة السابقة.
تكمن إشكالية هذه الطريقة في أن دراسات عديدة وجدت أن تصورات الجماعات المتطرفة العنيفة هي بالفعل سلبية بشكل خاص بين عامة الناس في المنطقة، وكذلك بين الجماعات الإسلامية على الصعيد الدولي. ونتیجة لذلك، لا يمنح ھذا الإعلام الجمهور مع المعلومات جديدة ومثمرة والتي قد تساعد جھود منع ومكافحة التطرف العنيف. ينبغي تقديم سرديات بديلة للجمهور في إطار الجهود الثقافية لمحاربة الأيدولوجية الراديكالية، حتى يمكنهم تبني رؤى عالمية معدلة يمكن تطبيقها في حياتهم اليومية.
بنفس الطريقة، ثمة ممارسة شائعة تتمثل في التركيز الشديد على الانتقاد الأخلاقي لأعمال الجماعات المتطرفة العنيفة. على سبيل المثال، في المسلسل التلفزيوني غرابيب سود، يتعلق الجمهور بمعلم الشريعة و"صوت العقل"، الذي يبدأ الحلقة الأولى مع حوار داخلي يقول فيه:
"قبل اليوم، كنت أخاف على عيالنا مِن مَن تركوا الدين. اليوم، أخاف مِن مَن أخذوه أخذ الطائر الحُر، ليصطادوا به الطيور التي خرجت من أعشاشها وما رجعت".
ويرسي هذا الحوار الفرضية الرئيسية للمسلسل: إن أفعال هذه المجموعات مثيرة للقلق وتتناقض مع الإسلام. هذا الشجب الأخلاقي موجود في أنواع إعلامية أخرى على شكل سخرية، كما هو الحال في وطن ع ووتر، حيث يبدأ الممثل الذي يحاكى شخصية أمير داعش بشكل ساخر في انتقاد الفتاوى التي لا أساس لها الصادرة عن رجال الدين غير الرسميين. ويضرب مثالا على عدم قدرة المرأة على الجلوس على الكرسي، لأنه مذكر في اللغة العربية يليه ضحكة ساخرة.
وبغض النظرعن الانتقادات المؤثرة، فإن المطلوب بشدة حاليا في سياقات منع ومكافحة التطرف العنيف، هو اقتراحات حلول لمشكلة التطرف. وبإبطال وإدانة أفعال هذه الجماعات فقط، فإنه لن يتم تقديم بديل للعامة والجماهير، الذين قد يكون بعضهم يبحث عن واحد.
يمكن أن تؤدي التصاميم المستقبلية للسرديات المضادة أو البديلة إلى تحقيق هدف أكبر من خلال تعديلات طفيفة، مثل استخدام أساليب تفاعلية لإشراك الجمهور. قد تكون هذه الأساليب بسيطة كاستخدام هاشتاج لتحفيز النقاش على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. وبالإضافة إلى ذلك، قد يكون من المفيد أن يشارك الإعلاميون مع أصحاب الشأن والمصلحة من أجل تصميم جهود السرديات المضادة بشكل أفضل في المستقبل.
تشكل الثقافة مؤثرا كبيرا على المواقف الرأي العام. وهي من الممارسات الهامة للاستفادة بشكل صحيح ودقيق وإعلام الجمهور عن الفروق الدقيقة في عملية التطرف وعلامات الإنذار المبكر، والبدائل الانضمام إلى الجماعات المتطرفة العنيفة داخل المجتمعات.