"لقد تعلمت دائما وآمنت بشدة بأن انتشار الفكر الإسلامي يعني العدالة وأن غيابه سبب الظلم. ولكني الآن بتّ أرى الأمور بشكل مختلف" مقتبس عن كتاب التطرف “Radical” لمؤلفه ماجد نواز
في كتابه التطرف، يأخذ المؤلف ماجد نواز القرَاء في رحلة تبدأ من ترعرعه صغيرا في "إسكس" في بريطانيا ويشرح بالتفصيل العنصرية التي عايشها وتحوله إلى عضو فاعل في حزب التحرير (تنظيم متطرف يهدف لإقامة الخلافة الإسلامية . لمزيد من التوضيح أنقر). ويمضي المؤلف في وصف فترة نشاطه مع حزب التحرير في المملكة المتحدة وباكستان والدنمارك قبل يحل أخيرا في مصر التي أمضى أربع سنوات في أحد سجونها.
كما يتحدث الكتاب عن تحوله إلى ناشط ضد التطرف وشارك في تأسيس مؤسسة للفكر تدعى كويليام Quilliam.
وفي هذه الأيام التي تشهد تصعيد التحالف ضد داعش لجهوده في سوريا والعراق أعتقد أن قراءة هذا الكتاب أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى. والسبب أننا، وللآن، ما زال فهمنا منقوصا لكيفية قيام الجماعات المتطرفة بالتجنيد وحتى أقل حول إزالة التطرف: كيف يمكننا استمالة أعضاء جماعات متطرفة عنيفة (مثل داعش والنصرة) وإقناعهم بهجر فكر التطرف وإعادة إدماجهم في المجتمع. تعدّ داعش من أكثر الجماعات فعالية في التاريخ في ما يتعلق بالتجنيد، وفقا لسكوت أتران فإن المنظمة تمتلك "أكبر قوة مقاتلين متطوعين وأكثرها تنوعاَ منذ الحرب العالمية الثانية".
ما هي الأسباب التي تجعل لداعش هذه الجاذبية؟ هل لأن المجنَّدين يسعون أن يصبحوا أبطالاً. كما يزعم أتران أم بدافع رغبتهم للحصول على عدالة اجتماعية، كما يقترح تقرير ميرسي كوربس لعام 2015 أو كما هو الحال لدى المقاتلين الغربيين الأجانب، نتاج فشل التعددية؟
ويسرد الكتاب بالتفصيل كيف يتحول شاب مولع بموسيقى الهيب الهوب إلى التطرف ومن ثم في النهاية إلى نبذ ذلك التطرف والرجوع عنه. إذ كانت العنصرية من ضمن الدوافع لتحوله إلى التطرف، إذ جعلته هدفا سهلاً أمام المجنّدين. يذكر المؤلف "إذا لم تشعر بالخوف والعجز من الأثر الذي تخلفه هذه العنصرية العنيفة والمنظمة فمن الصعب عليك الفهم" كما يضيف بأن الجلسات التي كان ينظمها حزب التحرير ويعرض فيها أفلاما عن العنف في البوسنة كانت نقطة مهمة في تحوله "ساوث إيند، غزة، البوسنة، العراق، الهند: أينما حللت في العالم تتكرر الرواية ذاتها وهي أن المسلمين لا حماية لهم وأنهم يتعرضون لهجوم ...."
بعد مهمة قضاها في الباكستان، تم تعيين ماجد في الاسكندرية حيث اقتضت مهمته إعادة إحياء فرع حزب التحرير في مصر. ولكن وبسبب عمله مع المجموعة اعتقلته السلطات الأمنية وتعرض للتعذيب. وخلال فترة الاستجواب التي خضع لها أستُبدل اسمه برقم، 42 أو اتنين واربعين. وخلال فترة سجنه كان الآذان الوسيلة الوحيدة لتمضية الوقت.
يكتسب البعض العنف في السجن ولكن ماجد تخلص منه هناك. في سجن مزرعة طرة حيث كان معتقلا مع غيره من السجناء السياسيين والإسلاميين والليبراليين وحتى شواذ اعتقلوا في قضية كوين بوت المعروفة إذ يعلق الكاتب ساخراً "... ولك أن تتخيل ديناميكية العلاقة بين الجهاديين والموقوفين على ذمة قضية كوين بوت".
اعتبرته منظمة العفو الدولية سجين رأي ويرى الكاتب أن ذلك كان جزءا مهما في "رجوعه للإنسانية" على حد وصفه. بالإضافة إلى ذلك فقد كانت أحاديثه مع السجناء الآخرين الذين لم يشاطروه معتقداته مفيدةً له، إذ كان ملتزما بدراسة القرآن.
" تلك الفترة المظلمة في الحبس الانفرادي عندما أقسمت بأن أصبح انتحاريا، تبدو الآن كهلوسات رجل مجنون لا أعرفه"
ويعتقد ماجد بأنه عندما تبدأ بخسارة إيمانك في قادة المجموعة وتتسائل عن أساليبهم وخططهم فحينها تبدأ عملية نبذ التطرف. ويتفق هذا مع تجربة بعض الأردنيين الذين انضموا لداعش والنصرة. يسرد تقرير ميرسي كورب من الأردن إلى الجهاد بأن المبرر الرئيسي الذي كان يسوق للمقاتلين الأردنيين هو أنهم يريدون "حماية نساء وأطفال السنة". ولكن أظهرت تجارب بعض المقاتلين بأن هذه الحقيقة التي يسوقها التنظيم تتناقض مع ما يجري على الأرض. وأن قتال داعش والنصرة لجماعات أخرى من السنة شجع العديد من الأردنيين على العودة إلى ديارهم.
إن قصة ماجد تدور حول الظلم. وإذا كان [الظلم] أحد دوافع التطرف العنيف –وأعتقد بأنه جزء منها على أقل تقدير – فإن على التحالف ضد داعش أن يعيد التفكير في استراتيجيته إذ يمكن للغارات الجوية التي تخلف ضحايا بين المدنيين أن تغذي الإحساس بالظلم وتدفع المزيد من الناس دفعا في أحضان تلك الجماعات.
لقد ساهم ماجد بشكل كبير في الجدل الدائر حول الأسلمة. أحد الأمثلة على ذلك توجيهه رسالة للمقاتلين الأجانب تحثهم على ترك داعش والعودة لأوطانهم. وفي رسالته يعهد ماجد "إذا أخذتم خطوة باتجاه الخير سوف نقوم كلنا بالوثب باتجاهكم. هذا وعد إني لم أفقد الأمل فيكم إذ لو فعلت فكأنني تخليت عن نفسي" هذا الكتاب "التطرف" مشوق وليس ذلك فحسب بل إنه يؤكد على إنسانيتنا المشتركة.