أقر مجلس النواب الأردني مؤخرا إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات، والتي تسمح للمغتصب بالزواج من ضحيته في حال موافقتها للهروب من التهم الجنائية. وبالرغم من اعتبار إلغاء القانون إنتصارا، فإن ذلك قد يشير إلى مشكلة ربما تكون أكبر.
كثيرا ما أسفرت المادة 308 عن زواج الفتاة قسرا من مغتصبها لحماية "شرف" أسرتها. وكما قالت إحدى الضحايا لقناة "بي بي سي" البريطانية في شهر نيسان/ أبريل الماضي: " أجبرتني عائلتي على الزواج من مغتصبي بالرغم من الكراهية التي أحملها له؛ من أجل إنقاذ شرف العائلة. كان أملي الوحيد من هذا الزواج هو جعل طفلي آمنا، وكنت مصرة على تسجيله باسم والده، ولكنني فشلت".
أقيم اعتصام خارج مبنى مجلس في الأول من آب/ أغسطس الجاري أثناء نقاش المادة 308 بعد أن رفعته لجنة ملكية للمجلس. وكللت جهود الناشطات والمنظمات النسوية وغيرهن من النساء بالنجاح، وألغي القانون في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وبالرغم أن المادة هي في حد ذاتها قضية شائكة، فإن مجموعة التعديلات التي اقترحت أثناء المناقشة ذات دلالة أكبرعلى وجود مشكلة مزمنة.
أظهرت بعض البرلمانيات والسياسيات أن مواقفهن خلافية وجدلية أثناء مناقشة القانون. وذكرت صحيفة الجوردان تايمز على سبيل المثال أن وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة ريم أبو حسان، اعترضت على إلغاء القانون. وقالت أبو حسان إن "خيار الزواج من الضحية ينبغي أن يتاح في الحالات التي يكون فيها عنصر الموافقة موجودا، ولا سيما في حالات الحمل، من أجل ضمان أن يكون الطفل شرعيا". بالرغم أن سؤال "القبول" والموافقة من عدمه باطل في حالات الاغتصاب التي تخلو من القبول والموافقة بشكل متأصل في طبيعة الاغتصاب.
وقام عدد من المشاركين أيضا بتقديم بدائل للإلغاء. واقترحوا على سبيل المثال تمديد مدة عقد الزواج إلى سبع سنوات قبل إسقاط التهم. ولو كان لدى المشرعين نية حماية الضحايا ومعاقبة مرتكبي جرائم الاغتصاب، لانتفت الحاجة أساسا لهذه المناقشة.
يشير ما سبق إلى الوضع الاجتماعي السيئ للمرأة في المنطقة، وإلى الحضور المؤثر للأدوار الجندرية التقليدية للذكور والإناث. ولهذا لا توجد حماية كافية للمرأة من العنف القائم على أساس الجنس. فضلا عن أي مجال يذكر للنساء للمشاركة في الأوضاع الاجتماعية- الاقتصادية.
هذا النوع من القوانين ليس الاستثناء، بل هو واحد من العديد من القوانين المماثلة ليس فقط في الأردن، ولكن في باقي الدول العربية أيضا بما فيها تونس والمغرب، ولبنان حتى شهر شباط/ فبراير الماضي. فيما ظهر الموضوع بصور أخرى مصر. وأسست مجموعة من النساء المصريات على سبيل المثال حملة للحد من عدد النساء غير المتزوجات في البلاد أسمينها "جوزي جوزك" أو زوجي زوجك.
تحول هذا الاضطهاد إلى نوع من تحيز المرأة ضد نفسها. وسبق أن أجرت متعاونة مع معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا (WANA) محاضرة عن النساء حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في مناطق شرق عمان الأكثر فقرا. وبحثت السؤال التالي: "هل يحق للزوج أن يضرب زوجته أثناء شجارهما"؟ وكانت أجابة 98 في المئة من المشاركات بـ"نعم".
يعرقل هذا السياق الحريات الأساسية للمرأة ويؤدي إلى القبول الفج للوضع القائم. ما يجعل المرأة تبدأ في قبول العنف الذي يرتكب ضدها بطبيعتها خشية أن تتصرف بسلوك يوصف "بالعيب". ومن الواضح أنه يمنع أي خطوات إلى الأمام - أيدولوجيا وعمليا.
ينظر كلا الجنسين في العديد من أنحاء المنطقة إلى الجسد الأنثوي على أنه نوعا ما "الحاضنة للأجيال المقبلة". ويخول هذا (التشييء للمرأة) الرجل أن يتصرف بأي شكل من الأشكال بلا مبرر، وأن يدفع المرأة إلى قبول هذا السلوك.
رغم وجود قدر كبير من البرامج الإنمائية وبرامج الأمن البشري التي تحاول تشجيع مشاركة المرأة في المجالين الاجتماعي- الاقتصادي والسياسي فإن المرأة كثيرا ما تتردد في المشاركة. و لم تواجه الأفكار العميقة للمجتمع التقليدي تحديا كافيا لرؤية النجاحات الكبيرة التي تحققت من هذه المحاولات.
ونتيجة لذلك، لا تزال النساء غير ممكنات بما فيه الكفاية للتدخل في السلوكيات المنحرفة في المنزل، وتجاوز الآثار الإيجابية المترتبة على زيادة مشاركة الإناث مثل الدخل الإضافي للأسر والمحفزات الاقتصادية، والقدرة على نقل مهارات التفكير النقدي.
يستفيد المجتمع بوجه عام من تمكين المرأة. وأثرت التدخلات التي قامت بها المرأة في المنزل في تقليص نسب الجرائم الصغيرة، مثل تعاطي المخدرات والسرقة. بالإضافة إلى ذلك، سجلت عدة حالات منعت فيها الأمهات أبناءهن من اتخاذ قرارات سيئة مثل السفر إلى سوريا والعراق للانضمام إلى داعش. إن أدبيات مكافحة التطرف العنيف تشير بشكل متزايد إلى الحاجة إلى تعزيز قدرة الأم على ردع أطفالها عن الانضمام إلى الجماعات العنيفة.
من شأن تعليم الأمهات حول علامات الإنذار المبكر وتغيير السلوك وخلق حيز نشط وتمكين المرأة في جميع السياقات، أن يعزز دورهن في منع هذه الظواهر السلبية وحماية سلامتهن. لا بد من إجراء تغييرات جوهرية على مكانة المرأة في الأردن والمنطقة لإتاحة الفرصة لتقدم المجتمع وجعله أفضل وإثارة ثقافة التسامح.