هل الشباب غير منخرطين؟ سؤال تمت دعوتي للتحدث عنه مؤخرا في أول سلسلة من "حوارات الشباب"، نظمها ويلتون بارك (Wilton Park) بالشراكة مع ريستليس ديفيلوبمنت (Restless Development) ومعهد WANA والمجلس الثقافي البريطاني (British Council). وبالرغم من سيادة الخطاب في وسائل الإعلام الدارجة الذي يجادل بعكس ذلك، فإنني أعتقد أن الشباب يتواصلون. ولكن هل يمكن أن يكون ذلك بطرق مبتكرة أو لا يسهل قياسها؟ أو ببساطة بطرق نرفضها، وبالتالي لا نعتبر ذلك تواصلا؟
من السهل بالنسبة لنا أن نرفض أولئك الذين يقومون بأعمال التطرف العنيف ونعتبرهم غير متفاعلين ومنخرطين، على سبيل المثال. ولكن، مع متوسط عمر الانتحاريين الانتحاريين يقدر أن يكون بين 20 و 22، يبدو أن عددا من الشباب، الذين هم على استعداد للتخلي عن حياتهم لأجل قضية، مضللة هم وبشكل لا يصدق منخرطون في شيء لا نستطيع تقبله أو تشجيعه أو فهمه.
ما مدى مشاركة الشباب أنفسهم في مناقشة ما يعد انخراطهم من عدمه؟ في يوم العرض الذي قدمته، كانت الانتخابات البريطانية جارية، حيث شارك في الاقتراع عدد قياسي من الشباب. وعليه فإنه في المملكة المتحدة، فقد لا يكون الشباب غير منخرطين ومعزولين بالضرورة، ولكن فقد يكون هناك شعور بغياب السياسيين القادرين على أن ينخرط الشباب معهم قبل الآن.
هل يمكن أن تنبع مشكلة عدم انخراط الشباب سببه جزئيا من الطرق التي نقيس فيها ونحدد كم انخراطهم؟ بالنسبة لي، يبدو أن "مشاركة الشباب" أو انخراطهم هو مصطلح واسع وفضفاض. ويقترح أن هناك طرقا صحيحة و أخرى خاطئة يمكن من خلالها الانخراط، وخارج ذلك النطاق فإن "الشباب"، مهما كانت الفئة التي توصف بهذا الاسم بحسب السياق فهم غير منخرطين ومذنبين.
وعلى سبيل المثال، توصل فريق السلا الأميركي في المغرب إلى مؤشرات محددة لما يعتبرونه مشاركة الشباب. وتشمل هذه التدابير اعتماد أساليب حياة صحية، وتنمية المهارات الحياتية والمشاركة المجتمعية، والتحضير لعالم العمل.
كما هو الحال مع أي برنامج للتنمية من أعلى إلى أسفل ويعتمد على المانحين، فإنه من المفهوم لم يجب إنشاء هذه الأهداف القابلة للقياس والقابلة للتحقيق. ورغم ذلك، ومع عدد أكبر من السكان الشباب على الصعيد العالمي أكثر من أي وقت مضى، والذي يبلغ حوالي 1.8 مليار نسمة، والتحول الكامل في مجال التكنولوجيا والاتصالات التي حدثت في العقد الماضي، فهل من الممكن أننا متأخرون في تقييماتنا التقليدية للمشاركة والانخراط؟
فإذا كان طفل في الضفة الغربية يجلس في غرفة نومه ويلعب ألعاب الكمبيوتر ضد طفل في المكسيك فهل هم غير منخرطين؟ قد لا يكونون في مركز شباب يلعبون كرة القدم، وهو النشاط الذي ترغب وكالات التنمية في تسجيله، ولكن قد يكون لديهم اتصال ووعي عالمي أكثر مما كان أو سيكون لأبويهم.
علاوة على ذلك، كم عدد المرات التي أنشئ فيها النظام بالفعل لتمكين الشباب من النجاح حتى لو كانوا ينخرطون في الطرق المسبقة القابلة للقياس؟ شملت تجربتي الشخصية العام الماضي العمل في مخيمات اللاجئين في منطقة كاليه الفرنسية، وفي المناطق الريفية من زامبيا، إضافة لعملي كباحثة في الأردن. وفي هذه البلدان الثلاثة، أتضح لي أن أحد الأسباب الرئيسية للإحباط بين الشباب هو أنه حتى عندما يتبعون المسارات وقواعد المشاركة المحددة مسبقا، فإنهم حظوظهم تقتصر على أنظمة الحكم المختلة والفاسدة في بعض الأحيان وعادة ما تكون هذه الأنظمة غير فعالة.
ترك المهاجرون إلى اليوم في كاليه دون دعم أو وثائق مع القليل أو دون أي توجيهات. وفي زامبيا، أشارت تجربتي إلى الاعتماد الأساسي على الرشوة على جميع المستويات. قيل لي عدة مرات عن الأطفال الذين عملوا بجد وحققوا درجات جيدة ولكن لأن أهلهم غير قادرين على دفع المبلغ المناسب لمعلميهم في نهاية العام فلم يحققوا الدرجات المطلوبة، وعادة ما ينسحبون من الدراسة نتيجة لذلك .
يتم تذكيري يوميا في الأردن بأهمية "الواسطة". وفي حين يتمكن الأفراد من الجنسين من إتمام المرحلة الثانوية والجامعية، فإنهم يواجهون بعد ذلك واقعا يكونون فيه عاطلين عن العمل أو في عمل أقل من مؤهلاتهم ما لم يكن عندهم الصلات الصحيحة. قال لي سائق سيارة أجرة مؤخرا "لا أحد من أعمامي يعمل في الوزارات، وعلى الرغم من أنه يحمل درجة في الاقتصاد، فإنه يعمل كسائق سيارة أجرة ويعيش مع أهله"، ما يجعل غضبه مفهوما.
إن الحواجز الهيكلية أمام الشباب متجذرة بعمق في جميع أنحاء العالم، وغالبا ما يبدو أن الحل الوحيد هو تجاهلها، أو التركيز على شيء آخر، وهذا ما يفعله معظم المجتمع الدولي والحكومات والمنظمات غير الحكومية. يبدو من المستغرب جدا أن العديد من الشباب ليس لديهم اهتمام كبير في التعامل مع مثل هذه الأنظمة، ولكن من النفاق أن ننتقدهم ونتنصل من مسؤولياتنا تجاههم ونصفهم بأنهم "غير منخرطين".
عن الكاتبة
تعمل آلاثية أوزبورن كباحثة في مجال الأمن الإنساني في معهد WANA وتختص في مكافحة التطرف العنيف.