تقدم فنلندا 160 يومًا من إجازات الوالدين المدفوعة لكل من الرجال والنساء، بينما ما يزال الأردن يقدم 90 يوماً من إجازة الأمومة و3 أيام فقط للإجازة الابوية. فقد أصبح للآباء والأمهات في فنلندا الآن حقوق متساوية في نفس مدة الإجازة. ووفقًا لوزيرة الشؤون الاجتماعية حنا ساركينن هدف هذا الإصلاح هو تحسين وضع المرأة في القوى العاملة علاوة على ذلك فإنه يوفر للآباء مزيدًا من الوقت لقضائه مع أطفالهم.
الإجازة الأبوية لا تعني إجازة الأمومة
يعتقد الكثير أن الإجازة الأبوية هي نفسها الإجازة الوالدية أو إجازة الأمومة، فمن الضروري توضيح اللبس في فهم هذه المصطلحات لاختلاف جوهر كل منهما، فالإجازة الوالدية هي الإجازة التي تُمنح للعاملين من الأم والأب معاً بعد الولادة أوخلالها وفي معظم الدول تُمنح للأم بفترات زمنية أطول من الأب. بينما الإجازة الأبوية هي الإجازة الممنوحة للآباء العاملين في الأشهر الأولى القليلة بعد الولادة أو خلالها والتي تتراوح من يومين الى أسبوعين عند معظم الدول التي تمنحها. وعلى صعيد إجازة الأمومة هي الفترة الزمنية التي تحصل عليها الأُم العاملة قبل أو أثناء أو بعد الإنجاب والتي تتراوح غالباً ما بين شهر الى ثلاثة أشهر عند معظم الدول التي تمنحها. فيتمكن الوالدان العاملين من خلال الاجازة الوالدية من رعاية الطفل الوليد مع منحهم درجة من الأمان فيما يتعلق باستمرار التوظيف والضمان الاجتماعي.
مطالبات ما بين الماضي والحاضر
تُعد منظمة العمل الدولية أول من لفت النظر الى لزوم منح الآباء العاملين إجازة عند ولادة الأطفال، فبحسب التوصية المُتعلقة بالتشغيل (النساء ذوات المسؤوليات الأسرية) الصادرة عام 1965، تم اعتبار الإجازة الوالدية إجازةً تنطبق على الرجال والنساء الذين یتحملون مسؤوليات متعلقة بأطفالهم المُعالين «ليست حصراً فقط على الأطفال المُنجبین حدیثاً»، والتي تعیق هذه المسؤوليات إمكانياتهم من الاستعداد للنشاط الاقتصادي والدخول الي سوق العمل بفعالية.
لاحقاً في عام 1975، سَعى مؤتمر العمل الدولي الى التأكيد على أنّ تكافؤ الفرص لا یمكن تحقیقه إلا عبر توسيع نطاق الحقوق لتشمل جمیع العمال ذوي المسؤوليات العائلیة نساءً ورجالاً على حد سواء، فيُعد ذلك اعترافاً بأن أي تغییر في الدور التقليدي للنساء یجب أن یكون مصحوباً بتغییر للدور التقليدي للرجل، ویجب أن ینعكس ذلك على مشاركتهم معاً في الحیاة الأسرية التي تتحمل فیها النساء مسؤوليات أكبر.
كما حددت اتفاقية منظمة العمل الدولية عام 1981 رقم 156 أهمیة وأسس تكافؤ الفرص والمساواة بین الرجال والنساء ذوي المسؤوليات العائلية، حيث تنطبق أسس الاتفاقية على جمیع العاملين الذين لدیهم أطفال، وأي من أفراد الأسرة الذين يحتاجون إلى الدعم، وتمثلت التوصية رقم 165 في عام 1981 الخاصة بعمال منظمة العمل الدولية ذوي المسؤوليات الأسرية الاهتمام بتكافؤ الفرص والمعاملة المتساوية للعاملين من الرجال والنساء، والسعي للحصول على نتيجة إعطاء الأب العامل خلال وبعد إجازة الأمومة إجازة أبویة بدون التخلي عن العمل والحقوق الناتجة عن حمایة العمل.
في الوقت الحالي نرى مُطالباتٌ ودعواتٌ حقوقية برفع الفترة الزمنية الممنوحة للإجازة الأبوية تطبيقاً لإطار العدالة والمساواة، والحرص على دعم أسس التوازن بين الحقوق والواجبات في بناء حياة أسرية سليمة ومتناغمة يتقاسم الوالدان مسؤولياتهما اتجاه رعاية الأبناء، وإعادة تشكيل ثقافة أسرية جديدة تؤكد على التشاركية للوالدين في رعاية الأبناء. هذه المُطالبات لا تحمل أبعاد تقتصر على تعزيز المُشاركة الأسرية وتعزيز الروابط الأسرية، فهي تُساهم في دعم المساواة بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية والاجتماعية وردم الفجوة الاقتصادية، فالكثير من النساء ينسحبن من سوق العمل بعد زواجهنّ، وبعد الإنجاب تُصبح فرص الانسحاب مُضاعفة لينتهي المطاف بنساء منتجات وفاعلات الى نساء أصبحنَ سجيناتٍ للإطار التقليدي المرسوم إزائهنّ. فمع تحقيق هذه المُطالبات ورفع مدة الإجازة الوالدية ستبقى فرص نشاط النساء اقتصادياً قائمة، وفكرة الإجبار على الخروج من سوق العمل بعيدة نوعاً ما.
الواقع في الأردن وتجارب رائدة
یخصص القانون الأردني إجازة أمومة مدتها 90 یوماً للعاملات في القطاع العام، و70 یوماً للعاملات في القطاع الخاص، وبحسب المادة رقم 66 من قانون العمل بتعديلاته الأخيرة «يحق للعامل الحصول على إجازة أبوة ثلاثة أيام مدفوعة الأجر»، هذه الفترة المحدودة غير كافية لإجراءات تسجيل الطفل وانهاء معاملات ولادته، فكيف يمكن أن تصبح كافية في تشاركية الاب اتجاه القيام بمهام الرعاية والمسؤولية؟. نطمح في الأردن فتح ملف الإجازة الوالدية والعمل على إعادة النظر فيه وتعديله بما يتناسب مع احتياجات النساء العاملات مع اعتباره أحد السبل المهمة نحو تعزيز مُشاركتهنّ الاقتصادية.
https://alghad.com/الإجازة-الأبوية-خطوة-مهمة-لدعم-النساء/