" قصتي هي قصة نجاح عالمية وليست محلية" هكذا وَصَفت مديرة مشروع "بيت خيرات سوف" المشروع الذي تديره في جرش بين الطبيعة الخلابة والأكل التراثي، وهو أحد المشاريع الانتاجية الصغيرة التي أثبتت نجاحها في المنطقة. لم يكن فقط مشروع انتاجي، بل تجاوز الأمر ليصبح وجهة سياحية جاذبة للسياح في منطقة سوف. كما أنه يساهم في تحسين دخل 60 اسرة حسب ما أوردته مديرة المشروع. فقد كان له أثر كبير في تحسين الوضع الاقتصادي للأسر عن طريق تأمين عدد من الوظائف، بالإضافة لتوفير مكان لبيع منتجات بيتية محلية لعدد كبير من أفراد المجتمع المحلي. على الرغم من ذلك يعد الدعم المادي والدعم الإعلاني والتسويقي المحدود من أبرز التحديات التي تواجه المشروع، حيث توضح صاحبة المشروع أن الاستمرارية فيه تعتمد بالدرجة الأولى على القروض المالية التي تقترضها على مسؤوليتها الشخصية مما يسبب لها وللعاملين القلق بخصوص استمرارية ونجاح المشروع والقلق من أن يذهب كل المجهود هباء.
يواجه اقتصاد الأردن عدد من التحديات أبرزها ارتفاع نسب الفقر والبطالة، حيث أكد تقرير دائرة الإحصات العامة أن نسب الفقر بلغت 25% ونسب البطالة بلغت 23.3% خلال الربع الرابع من عام 2021، فقد بلغت نسب البطالة بين الذكور 21.2% مقابل 30.8% بين الإناث . إن سوء الأوضاع الاقتصادية دفع الأفراد في عدد من المحافظات إلى فتح مشاريع انتاجية صغيرة تهدف إلى تحسين أوضاعهم الاقتصادية وتجاوز مشكلة البطالة للخروج من دائرة الفقر. تُعرّف المشاريع الانتاجية الصغيرة بحسب البنك المركزي الأردني بأنها “المشاريع التي توظف بين 5-20 موظف". حيث وضحت دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني أن 99.5% من شركات القطاع الخاص في الأردن هي مشاريع ميكروية وصغيرة ومتوسطة .
" البيت هاد كان مهجور وصحابوا طالعين منو وانا كنت من زمان امنيتي ادخل البيت، واستأجرنا وفتحنا المشروع، وبلشنا بالإنتاج". توضح مديرة مشروع بيت خيرات سوف أنه ومنذ بداية تواجدها في منطقة سوف في محافظة جرش، حَرَصت على الإنخراط في الجمعيات الخيرية والروابط النسائية، إذ أنها كانت عضواً نشطاً في أكثر من جمعية خيرية. وكانت تطلعاتها للمنطقة ايجابية منذ البداية ولكن برأيها لم يكن هناك استغلال ايجابي لإمكانيات المنطقة، كالبيت التراثي الذي تم تحويله الى "بيت خيرات سوف" وكان قد بُني عام 1881 وترك مهجورا.
بدأ مشروع بيت خيرات سوف منذ عام 2016 باعتباره مطبخ انتاجي، وحصل حينها على دعم بسيط من مؤسسة الأميرة عالية، تمثل بتهيئة المكان وتزويده بعدد من الأدوات التي يحتاجه. مما دفع صاحبة المشروع إلى الإقتراض من أجل الحفاظ على سير المشروع في ظل محدودية الدعم المادي المقدم له، وحسب وصفها فهي " تورطت بالقروض والديون حتى عام 2030". لأن الدعم المادي الذي يقدم لها لا يكفي لتمويل المشروع بشكل كامل.
قامت الملكة رانيا العبد الله بزيارة بيت خيرات سوف في تموز 2022، واكدت جلالتها على أهمية الدور الريادي للقائمين على المشروع والسمعة الطيبة التي حصل عليها بيت خيرات سوف حيث يعكس عادات وتقاليد وثقافة الشعب الأردني من كرم وضيافة، مؤكدة جلالتها على أهمية استدامة العمل في مثل هذا النوع من المشاريع لتعميم الفائدة. فكان لهذه الزيارة دعم معنوي كبير واهتمام المعنيين من هيئة تنشيط السياحة ووزارة السياحة. وعلى الرغم من نجاح المشروع في استقطاب السياح وتحسين الوضع الاقتصادي لعدد من الأسر في المنطقة، إلا أنه لا يزال يحتاج الى الدعم المتواصل من الجهات المسؤولة. فقد زار بيت سوف سابقاً عدد من المسؤولين عن دعم الأماكن السياحية والتراثية وأكدوا على أنها قصة نجاح يحتذى بها، لكن دون الانتباه من قبل المسؤولين بأن قصص النجاح تحتاج إلى الدعم والمساندة والتطوير والترويج والتسويق.
ختاماً، ليتمكن هذا المشروع وغيره من المشاريع من الاستمرار في تحسين الوضع الاقتصادي في المنطقة المُقام فيها وتشغيل أفراد المجتمع المحلي وانعاش المنطقة سياحياً و اقتصادياً، لا بد من بذل المزيد من جهود لدعمها على عدة مستويات، فقد تُمكِّن وزارة السياحة هذه المشاريع من خلال دعمها والإعلان لها لتصبح وجهات مقصودة من قِبل السياح والمواطنين، كما يُمكن أن تدعم وزارة التنمية الاجتماعية مثل هذه المشاريع التي يعتبر عملها قائم تحت مظلة واشراف الوزارة، وذلك من خلال تقديم مساعدات واعفاءات مالية للاستمرار بعملها، بالإضافة إلى إشراكها في عدد من الأسواق، لتوسيع قاعدة المستفيدين منها.
الكاتبة:
متدربة في معهد غرب آسيا وشمال افريقيا