حق المشاركة الاقتصادية كأحد الحقوق الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة مُصان حقوقياً وقانونياً، فعلى سبيل المثال أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته رقم (24) والتي تنص: «لكل شخص الحق في العمل، وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة، ولجميع الأفراد دون تمييز الحق في أجر متساو». محليا، ألزم قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017 مؤسسات القطاع العام والخاص والشركات التي لا يقل عدد العاملين فيها عن 50 عاملاً بتشغيل عامل واحد من الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسة، وإذا زاد عدد العاملين في أي منها عن 50 عاملا، تلزم المؤسسة بأن لا تقل نسبة تشغيلهم عن 4 % من مجموع عدد العاملين فيها، شريطة أن تسمح طبيعة العمل في تلك المؤسسة بذلك.
كما وأشار قانون العمل في مادته رقم (13) والتي تنص: «على صاحب العمل أن يشغل من العمال ذوي الإعاقة النسبة المحددة في قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، النافذ المفعول ووفق الشروط الواردة فيه، وأن يرسل إلى الوزارة بيانا يحدد فيه الأعمال التي يشغلها ذوو الإعاقة وأجر كل منهم. إضافة الى ما سبق، أصدر المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة «السياسة الوطنية لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المملكة الأردنية الهاشمية 2020-2030»، حيث تضمنت هذه السياسة الوطنية مجموعة من المحاور ومن ضمنها محور التأهيل والتدريب والعمل، وتعد هذه السياسة متمثلة بمحاورها خريطة طريق لتعزيز وضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصاديا.
لكن هل هذه الأطر القانونية كافية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على صعيد المُشاركة في سوق العمل؟
أظهرت ورقة سياسات أعدها قسم العدالة الاجتماعية في معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا في عام 2021، أن جميع هذه الأطر القانونية والحقوقية غير كافية في الحماية والحفاظ على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في المُشاركة في سوق العمل، والتفاعل مع واقع الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصاديا في الأردن لم يكن ضمن الآمال والرُؤى المطروحة بالرغم من ارتفاع عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، حيث أظهرت بيانات تعداد السكان والمساكن التابعة لدائرة الإحصاءات العامة عام 2015 أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين أعمارهم 5 سنوات فأكثر بلغت في الأردن 11.2 % من مجموع السكان، أي ما يُقارب مليون ومائتي ألف نسمة وفق المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بينما البطالة نسبتها 82 %-90 %.
التحديات كثيرة منها على صعيد أنظمة الرقابة على المُنشآت الاقتصادية فيما يتعلق بتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، كضعف آليات الرقابة والتفتيش والافتقار إلى معايير وتدابير واضحة للتفتيش على نسبة التشغيل، وضعف الكوادر المهيأة والمدربة للتفتيش على التهيئة البيئية والترتيبات التيسرية المعقولة. هناك أيضا تحديات خدماتية وترتيبات تيسيرية خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، كالافتقار إلى وسائل نقل ومواصلات مُهيأة، وضعف توفر إمكانية الوصول الى مؤسسات التدريب والتأهيل، وضعف توفر قواعد بيانات خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة ومواقع إلكترونية وجغرافية تسهل عملية التواصل بين الأشخاص ذوي الإعاقة والمنشآت الاقتصادية والتي تأخذ بعين الاعتبار تنوع أنماط الإعاقة ما بين إعاقة حركية، وبصرية وغيرها. ولا بد أيضاً من التطرق الى التحديات الثقافية الاجتماعية متمثلة في الصورة النمطية السلبية السائدة لدى أرباب العمل حول تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، وسيطرة النموذج الطبي للإعاقة والفكر الرعائي، والنظر إلى الأشخاص ذوي الإعاقة بوصفهم مرضى غير قادرين على العمل وغير منتجين. كما ويُضاف الى ما سبق، تحديات على صعيد ارتفاع نسبة الأمية بين الأشخاص ذوي الإعاقة، فبلغت نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين لم يسبق لهم الالتحاق بأي من المؤسسات التعليمية 29.1 % أي الثُلث من مجمل أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة بحسب التعداد العام للسكان والمساكن عام 2015.
كيف يُمكننا مُواجهة هذه التحديات؟
ان استمرار وعُمق التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة أمام اندماجهم في سوق العمل يتطلب وضع سياسات عامة وبرامج تنفيذية ورقابية طويلة الأمد تركز على تفعيل الرقابة على عمل الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاعات العمل الحكومي والخاص من خلال استحداث حُزم تحفيزية لقطاعات العمل المُلزمة بتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، وتطوير تنفيذ برامج تفتيش دورية على منشآت قطاعات العمل؛ للرقابة على توفير الترتيبات التيسيريه الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة. والعمل على تهيئة المواصلات العامة بما يتناسب مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة المُختلفة، مع استخدام التطبيقات الذكية؛ لتسهيل وصولهم إليها. والعمل على تطوير التدابير المؤسسية الخاصة بتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية في قطاعات العمل الحكومي والخاص كمُراجعة أنظمة مؤسسات التدريب المهني من حيث البنى التحتية والبرامج التدريبية بما يتناسب مع حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة. والعمل على تطوير برامج توعوية وتثقيفية حول أهمية المُشاركة الاقتصادية للأشخاص ذوي الإعاقة ودور التعليم في تعزيز مُشاركتهم اقتصادياً.