من المهم للأردن استيعاب عدد السكان المتزايد بسرعة عن طريق إيلاء الأولوية لإدراج الطلاب بنسب أكثر في التعليم العالي. لتمكين ذلك، يجب على منظمات المجتمع المدني أن تتكيف مع طريقة تغير المجتمع، وكذلك تغير المعنيين والمستفيدين من برامج المجتمع المدني. هناك سؤال لم يتم التطرق له للآن، وهو ما الذي يمكن لمؤسسات المجتمع المدني في الأردن تعلمه من القطاع الخاص في هذه العملية؟
يواجه الأردن العديد من التحديات، بما في ذلك الصراعات على طول حدوده وأزمة اللاجئين غير المسبوقة. إضافة للتحديات الداخلية الأخرى. حيث بلغت معدلات البطالة 15.8٪ خلال الربع الأخير من عام 2016، في حين لم يلتحق بالمدارس الثانوية عام 2015 في الأردن سوى 57.5٪ من الذكور و 65.9٪ من الإناث في الفئة العمرية 16-18 سنة. فيما شكلت نسبة الملتحقين بالتعليم العالي أقل من ذلك بكثير. إذ لم يلتحق في العام نفسه بالجامعة سوى 29.8 في المائة من الذكور و 33.7 في المئة من الإناث الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 23 عاما.
يحتاج الأردن إلى نهج مستدام يعمل على تقوية تعليم الشباب ويتواءم مع آليات التفكير النقدي والابتكار، وفرص العمل والنمو القطاعي. ومن المثير للاهتمام أن هذا هو النهج الذي يفضله القطاع الخاص.
أثناء مناقشتي استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للشركات مع العديد من الجهات الفاعلة المؤثرة، أصبت بالدهشة من حلولهم المبتكرة والبسيطة لمعالجة مشكلة النقص في أعداد الشباب ونقص العمالة. لا يمكن إنكار أن العديد من الشركات تعتبر المسؤولية الاجتماعية للشركات أداة لتعزيز صورتها العامة وتعزيز الروابط مع المستهلكين، إلا أن لبعض الشركات الأخرى دافع قوي لدعم المجتمعات المحلية بهدف تسريع التنمية.
عبر كل ممثل برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركات ممن قابلتهم عن فخرهم بعمل شركاتهم والشباب المتعاونين معه في المجتمعات المحلية. وأشاروا إلى أهمية "منح المكان الذي أتيت منه"، ويبدو أن الشركات اعتمدت بصدق شعار "التفكير العالمي، والعمل المحلي".
كان لبرامج الشركات المختصة بتعليم الشباب رؤية واضحة وأهداف استراتيجية طويلة الأجل. وسلط أحد الممثلين الضوء على معايير رقابة صارمة على الجودة، مشيرا إلى أنه إذا أي برنامج للتدريب المهني لا يولد فرص عمل، يتم إلغاؤه. هذا الربط الاستراتيجي للتعليم مع التوظيف المستدام يظهر القدرة على تحديد الفشل و "تصحيح الذات" التي غالبا ما تفتقر إليها وكالات التنمية المخضرمة.
تقدم إحدى الشركات منح دراسية للشباب، ولكنها تطلب من المستفيدين القيام بعمل مجتمعي في المقابل. وهناك برنامج آخر يقدم الدعم إلى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا ويقدم برنامجا للمنح الدراسية مع جامعات شريكة ويوظف متدربا من أحد هذه البرامج. إضافة لعدد من المنح الأخرى وبرامج التدريب والتعليم أثناء العمل. تعتمد هذه الشركة رسالة مفادها "إذا عمل الفرد بجهد على تعليمه وفرصه الوظيفية، فإن الأبواب ستفتح".
رغم أن هذا لا يبدو بديهيا، إلا أنه وبلا شك يمكن للجهات الفاعلة في التنمية ومنظمات المجتمع المدني في الأردن أن تتعلم من البرامج التي ينفذها القطاع الخاص. وقد يؤدي توسيع الروابط والتكامل أيضا إلى توسيع نطاق الوصول وإيجاد أوجه للتآزر. وکما أشار أحد ممثلي شرکات المسؤولية الاجتماعیة: "ھناك مشكلة ازدواجیة وتكرار عمل منظمات المجتمع المدني في الأردن".
يشكل التعليم أداة ويعمل كمفتاح لمزيد من التقدم للأفراد والجماعات. ليس هناك فئة عرضة للخطر في المستقبل أكثر من الشباب. وكأعضاء في مجتمع أوسع في الأردن نحن مدينون لهم بالتعاون والعمل معا.
تم إجراء هذا البحث كجزء من مشروع "تقوية مؤسسات المجتمع المدني" الممول من قبل الاتحاد الأوروبي