وفقا للمؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين 2015، الذي صدر الأسبوع الماضي عن المنتدى الاقتصادي العالمي، قد توقف التقدم في سد الفجوة بين الفرص المتاحة للرجال والنساء. لا يزال التمييز بين الجنسين ظاهرة عالمية، ولكن المنطقة التي تعيش أقصى حالات عدم المساواة بين الجنسين، هي منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا (WANA). فمن بين الدول ال145 التي شملتها الدراسة، تقع دول WANA ال16 في المراتب ال29 الأدنى على الرسم البياني، مع حلول دولة الكويت في المرتبة الأولى، 117، واليمن في المرتبة الأخيرة،145.
من بين عدد لا يحصى من العوامل المسببة، من المرجح أن المواقف الأبوية الواسعة النطاق تسبب معظم الضرر. لا تضع هذه المواقف النساء في حالة عدم تساوي مع الرجل في المجتمع فقط، ولكنها تشجع النساء على اعتبار أنفسهن أقل شأنا. يؤدي ذلك، من بين أمور أخرى، إلى قبول واسع النطاق لممارسة العنف ضد المرأة. وقد أبرز تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي1 2014 أن 90٪ من النساء الأردنيات تبررن الضرب لأتفه الاسباب، كحرق العشاء2. وعلاوة على ذلك، تتعرض35.4 في المئة من النساء في منطقة WANA للعنف على يد شريك حميم، مما يوحي بأن العنف القائم على نوع الجنس يأخذ المقام الأول في نواة الحيز الخاص: المنزل.
عند الاطلاع على أحكام النظم القانونية لدول WANA، يدرك المرء سريعا أن حقوق المرأة تعاني من نقص شديد في التمثيل، وأحيانا، لا يتم الاعتراف بها من قبل القانون. نص عدد قليل من البلدان قوانين تجرم العنف المنزلي، أما في ما يخص نص قانون يعاقب على الاغتصاب الزوجي، فلا وجود له في كل دول منطقة WANA. على الرغم من اعتبار الاغتصاب جريمة في جميع الدول، لا يتم التبليغ عنه في معظم الحالات، بسبب القيود الاجتماعية، أو بسبب الخوف من تلقي عقاب لممارسة العلاقات الجنسية غيرالمشروعة. أما حالات قتل الإناث (العنف القائم على نوع الجنس تجاه المرأة الذي ينتج عنه الموت) فهي شائعة في المنطقة. ويعود ذلك بشكل خاص لظاهرة ما يسمى ب "جرائم الشرف"، التي غالبا ما تؤدي إلى مقتل الفتيات أو النساء اللواتي يجلبن "العار" لأسرهن، من خلال سلوكيات حميدة كالتحدث إلى الرجال، والتدخين أو التعبير عن رغبتهن في مواصلة التعليم الجامعي، على يد أحد أفراد الأسرة الذكور. وفي معظم الاحيان، يستفيد مرتكبي جرائم الشرف من عقوبة مخففة نظرا لمجتمع يتغاضى عن هذه الجرائم، لاعتبارها أمر طبيعي.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا هذه الدول، التي تختلف كثيرا في التاريخ والجغرافيا والسياسة، تتشابه في المسائل المتعلقة بالمرأة على وجه التحديد؟ من أجل فهم ذلك، من الضروري أن نعود إلى حقبة العثمانيين، وعملية تدوين القوانين. شهدت هذه العملية التخلي التدريجي عن الفقه الإسلامي التقليدي، لصالح النماذج القانونية الأوروبية. وكان الاستثناء قانون الأسرة، الذي بقي ضمن اختصاص المحاكم الشرعية. ونتيجة لذلك، اضطلع قانون الأسرة - وبالتالي، النساء - بدور أساسي رمزي للهوية الوطنية، والنضال ضد المستعمرين، والانتماء الديني. في الواقع، غالبا ما يوصف قانون الأسرة بأنه "المعقل الأخير"3 للشريعة الإسلامية.
الخطأ الشائع في هذه المرحلة هو أن نؤمن بأن الإسلام هو أساس انتهاك حقوق المرأة. أنه بعيد كل البعد عن الحقيقة. فمنذ أوائل ظهوره ، حمل الإسلام رسالة سلام واحترام للكرامة الإنسانية والمساواة. ومع ذلك، ترجمت تفسيراته إلى قوانين، أضحت متحجرة و يسمح لها بالتغير، في حين أن المرونة والتكيف سمتان أساسيتان في الإسلام. تُستمد القوانين التي تميز ضد المرأة اليوم، من أولى مدونات الشريعة التي كان يجب تطويرها بشكل يتناسب مع احتياجات المجتمع الحديث. لم يحدث هذا التغيير في العديد من الدول، لسببين رئيسيين. أولا، لم يسمح الدور المقدس الذي تضطلع به المرأة في قانون الأسرة في المجتمعات الإسلامية، بتطور القوانين المتعلقة بحقوقه.
ثانيا، غالبا ما يتم خلط الممارسات الثقافية مع الدين، وبالتالي لم يتم تغييرها، لأنها تعتبر -كقانون الأسرة- من المقدسات. على سبيل المثال، قد ثبت مرارا وتكرارا أن قضية ضرب الزوجة، ليست مسألة إسلامية، ومع ذلك، لا يزال المسلمون - رجالا ونساء –يعتقدون أنها متأصلة في دينهم، كما يتضح في التقرير المذكور أعلاه.
إذا، هل يكمن الحل لهذه القضايا ضمن الإسلام نفسه؟
وفقا للقرآن، أدخلت التعاليم الإسلامية تدريجيا، ليتقبلها المجتمع بسهولة أكثر. وبعد هذه الفلسفة في تنفيذ التغيير، ينبغي سن القوانين الجديدة التي تستجيب للاحتياجات المعاصرة، تدريجيا. ومع ذلك، لا ينبغي إصلاح القوانين فقط: فلا بد من إزالة الممارسات الثقافية التمييزية، التي لا أساس لها في الإسلام. نشر الوعي حول الأهداف الحقيقية للإسلام،وتمييزها عن المفاهيم الذكورية غير البناءة، أمر ضروري لحماية النساء.
لا تقدر، أهمية الحركات الشعبية التي تعمل بفهم للأطر الثقافية، بثمن في هذا الصدد. يجب على المشاريع التي تهدف إلى تثقيف النساء والرجال معا من أجل تغيير المواقف الأبوية في المجتمع، أن تسير جنبا إلى جنب مع الإصلاحات القانونية ومشاريع تمكين المرأة. لا يمكن أن ينظر للإسلام وحقوق المرأة باعتبارهما خصوما بعد اليوم. فلا يعتبر هذا المنظور قديما فقط، بل هو بالضبط المفهوم المعم الذي يشوه سمعة الإسلام في الغرب اليوم. دعونا نستخدم تحالف الإسلام والمرأة لتعزيز حقوقها، والقضاء على الممارسات الاجتماعية المنحازة والضارة، ووضع حد للعنف غير الديني، الذي يتعرض له الكثيرين بشكل غير عادل.