إننا الآن أمام منعطف فيما يتعلق بالحفاظ على كوكبنا. وبينما نتعافى من آثار كوفيد-19، تضع الحكومات في أنحاء العالم خططا وتتخذ تدابير لإحياء اقتصاداتها.
والقرارات التي نتخذها اليوم سوف تحدد ما إن كان كوكبنا سوف يتعافى بيئيّا ويصبح أكثر قدرة على الصمود لأجل الأجيال القادمة.
وحيث أننا سوف نستضيف قمة الأمم المتحدة التالية بشأن المناخ، والتي من المزمع انعقادها في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، نرغب في رفع درجة الالتزامات العالمية بخفض انبعاث الكربون عن طريق حث جميع الدول على الاستثمار في التعافي الصديق للبيئة الذي يعالج تحديات التغير المناخي، وفقدان التنوع البيئي، والصحة العامة.
لقد اتخذت الحكومة البريطانية، منذ شهر مارس/آذار، مزيدا من الإجراءات الملموسة تجاه بناء مستقبل مستدام. ومن خلال رئاستنا لقمة العمل المناخي، بالإضافة إلى المهمة الأساسية المتعلقة بإجراء مفاوضات متعددة الأطراف، سوف نركز على اتخاذ تدابير في خمسة مجالات أساسية.
حيث علينا أن ننظف الهواء الذي نتنفس من خلال الترويج لوسائل نقل أكثر نظافة. حيث سوف تنفق الحكومة البريطانية ملياريّ جنيه إسترليني (2.6 مليار دولار) لتهيئة بيئة جديدة تساعد في المشي وركوب الدراجات الهوائية، وطلبت ما يربو على 4,000 من الحافلات صفر الكربون التي لا تسبب أي انبعاثات كربونية، وسوف تستثمر 500 مليون جنيه (651 مليون دولار) لتشييد بنية تحتية جديدة للسيارات الكهربائية.
كما توجد حاجة إلى تعجيل الانتقال إلى مستقبل الطاقة النظيفة. وقد أعلن وزير الخزانة ريشي سوناك في الشهر الحالي الالتزام بتخصيص 3 مليارات جنيه (3.9 مليار دولار) لتحسين كفاءة الطاقة في البيوت والمدارس والمستشفيات في أنحاء المملكة المتحدة، وتوفير 140,000 فرصة عمل في الاقتصاد الصديق للبيئة. برنامج تحسين كفاءة الطاقة في البيوت يشمل توزيع قسائم على العائلات ذات الدخل الأقل كي لا تقتصر مزايا البيوت الصديقة للبيئة على المقتدرين فقط.
ومن الضروري أيضا استعادة البيئات الطبيعية وحمايتها. حيث سوف ننفق 650 مليون جنيه (846 مليون دولار) لحماية الموائل من خلال مشاريع مثل زراعة الأشجار، وتنظيف الأنهار، وزياد المساحات الخضراء للناس والحيوانات البرية.
العالم بحاجة أيضا لأن يصبح أكثر صمودا أمام آثار الأحوال الجوية القاسية. وبالتالي سوف تستثمر المملكة المتحدة أكثر من 5 مليارات جنيه (6.5 مليار دولار) محليا لتحسين الدفاعات ضد الفيضانات والدفاعات الساحلية للحماية من آثار الأمواج العاتية. كما إننا نعمل في نفس الوقت مع شركائنا المصريين، من خلال الأمم المتحدة، لقيادة تحالف دولي معني بالعمل في هذا الصدد وعرض أفضل الممارسات لأجل التكيف والصمود، وضمان حماية المجتمعات الأكثر عرضة لآثار تغير المناخ.
ولربط جميع هذه الجوانب مع بعضها البعض، علينا أن نستغل قوة أنظمتنا المالية لإطلاق النمو، وتوفير فرص عمل في صناعات صديقة للبيئة، وتمويل مشاريع أساسية. وفي السنة الماضية ضاعفت المملكة المتحدة التزامها المالي على الصعيد الدولي المتعلق بالمناخ إلى 11.6 مليار جنيه (15 مليار دولار) حتى سنة 2025، ونحث شركاءنا الدوليين في التنمية لزيادة دعمهم للدول النامية أيضا.
هذه المجالات الخمسة مهمة بالتأكيد لأجل صحة كوكبنا، لكن يبدو واضحا، وبشكل متزايد، بأن التعافي الصديق للبيئة منطقي من الناحية الاقتصادية أيضا. فقد وجدت الوكالة الدولية للطاقة بأن استثمار ترليون دولار في موارد الطاقة المتجددة في السنوات الثلاث القادمة يمكن أن يوفر 9 ملايين فرصة عمل في صناعات صديقة للبيئة.
كما نعلم بأن الرياح والطاقة الشمسية هما أرخص موارد لتوليد الكهرباء لأكثر من ثلثيّ سكان العالم. وبحلول سنة 2030 سيصبح توليد الكهرباء من هذه الموارد الطبيعية أعلى من توليدها باستخدام الفحم والغاز في كل مكان تقريبا.
لقد أظهرت المملكة المتحدة بأن النمو الصديق للبيئة ممكن – فمنذ سنة 1990 نما اقتصادنا بمعدل 75 بالمئة، بينما انخفض انبعاث الكربون فيها بنسبة 43 بالمئة.
علينا مواصلة البناء على أسس هذا التقدم الإيجابي، وسوف نواصل فعل ذلك بالاستناد إلى اتفاقية باريس وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لنسترشد بها في التعافي الصديق للبيئة.
ونحن ندعو الدول الأخرى للانضمام إلينا، وسوف نعمل مع شركائنا الدوليين لضمان إدخال هذه المجالات الأساسية الخمسة ضمن خطط للتعافي تكون مستدامة وجامعة في أكبر دول العالم. كما نريد ضمان أن تعم فوائد التعافي الصديق للبيئة على الدول الأكثر عرضة لأخطار التغير البيئي.
معا يمكننا استغلال الفرصة للتعافي بشكل أفضل وأكثر صداقة للبيئة لتحقيق كامل الإمكانات التي دعت إليها اتفاقية باريس، وجعل كوكبنا يسير على مسار سريع تجاه تحقيق التزاماتنا المتعلقة بتغير المناخ، والمساهمة في التعافي الاقتصادي في بلداننا.
علينا استغلال الوقت قبل انعقاد قمة العمل المناخي 26 لكي نتحد وراء اقتصاد عالمي أكثر إنصافا وصداقة للبيئة وأكثر صمودا في وجه تغير المناخ، وذلك لأجل شعوبنا ولأجل كوكبنا. حيث لم يعد أمامنا متسع من الوقت نضيعه.
* مقال بقلم ألوك شارما، وزير الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية