"المنهاج ما رح يساعدنا على الدمج، المنهاج لما بيكتبلك انظر الى الصورة التالية هذا ما بناسبنا، احنا لازمنا شرح ووصف" هذا ما أشار إليه أحد الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية في الصف العاشر. للوهلة الأولى وعند الحديث حول المُعيقات التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة وتحديداً الطلبة في المدارس يُبادر في أذهاننا جميعاً أنها قد تكون مُعيقات جسدية، قانونية او وصمة مجتمعية بينما في الواقع هي مجموعة معيقات بعضها ظاهرة وأخرى خفية.
قد يَغيب عن أعيننا عوامل خفية في البيئة المدرسية والصفية والتي تكون في كثير من الأحيان هي المُعيق. ولكن كيف تكون هي المُعيق ومن المفترض أن تكون هي المكان الحاضن لتقبلهم ودمجهم مع أقرانهم؟؟. تكون مُعيقاً عند وجود كادرٌ إداري وتعليميٌ غير متخصص وأيضا غير ملزم بقُبول الأطفال من ذوي الإعاقة وغير ملزم بتوفير انسب برامج لدمجهم، وتكون معيقاً بسبب مدارس وغرف صفية غير مهيئة لتواجد الطلبة من ذوي الإعاقة فيها، وتكون معيقا عند افتقار البيئة الصفية لحلقة وصل بين الطالب من ذوي الإعاقة وأقرانه من جهة والمعلم من جهةٍ أخرى تأكد على وجوده كإنسان وحقه في التعليم - يعد المنهاج هو حلقة الوصل في ذلك، لأهميته في تشكيل القاعدة المعرفية لدى الطلاب.
من الإقرار الى التنفيذ...
قدم قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التزاماً واضحاً حول ضرورة تطوير ومراجعة المناهج التربوية بما يضمن إدماج حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المناهج والسياسات والبرامج التعليمية بكافة مراحلها، من خلال تضمين السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج التعليمية متطلبات التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يحقق تَمَتُعهم الكامل بحقهم في التعليم والوصول لجميع البرامج والخدمات والمرافق والمؤسسات التعليمية، كما تم الإشارة بشكلٍ صريح حسب نص المادة رقم (18) إلى ضرورة: "مراجعة المناهج الدراسية وتضمينها مَباحث تُعرِّف بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتُعَزز قبولهم باعتبارهم جزءاً من طبيعة التنوع البشري".
المنهاج الدراسي جزءً لا يتجزأ من برامج الدمج للأشخاص ذوي الإعاقة؛ لمُساهمته في تحقيق الجانب التوعوي بمفهوم الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم إضافةً الى الجانب الأكاديمي والتعليمي، اكدت الدكتورة علياء جرادات مديرة برامج الأشخاص ذوي الإعاقة في وزارة التربية والتعليم.
"المنهاج مهم لإيصال أي قيمة بدك إياها، مثل تقبل الآخر والإختلاف بكل أشكاله"هذا ما أكدته الناشطة الحقوقية روان بركات، كما أكدت أن تهيئة المناهج لا يعني فقط تحويل الكتب إلى طريقة برايل وتسجيل المنهاج الدراسي، فمن الضروري تقديم وصف عام للصور والأشكال، وتضمين صور للأشخاص ذوي الإعاقة مع أشخاص آخرين على أن تشمل هذه الصور الأشكال المُختلفة للإعاقات، والتأكيد على تضمين قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة بطريقة "حقوقية" بعيداً عن منظور "الشفقة" والعطف عليهم.
ما هو الواقع؟
لا تزال تجربة المناهج الدراسية الأردنية خجولة في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم، وتستند على منظور الإحسان والشفقة بعيداً عن المنظور الحقوقي. الأسباب عديدة أبرزها هو غياب الأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم عن صياغة المناهج؛ وبالتالي فقدان الرابط بين روح المنهاج وقضية الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم، وذلك بحسب كمال المشرقي رئيس أكاديمية التغيير للدراسات الديمقراطية والتنموية وسفير حقوق الأنسان.
ليُسفر عن ذلك تحدياتٍ عدة يُواجهها الطلبة من ذوي الإعاقة، حيث يؤكد أحد الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية من الصف العاشر، على ضرورة تقديم وصف وشرح وتجسيد للصور والأشكال وللخرائط بطرق خلاقة مناسبة. واكما ذكر التحديات التي يُواجهها في المواد العلمية مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء أكبر مُقارنةً بالمواد الأدبية؛ لاستدعائها شرح وتفصيل أكثر ولا يتم تحويلها إلى طريقة برايل مثل المواد الأدبية، والاعتماد الكلي يُصبح على شرح المعلم، ليقدم ذلك أحد العوامل التي تُفسر إنخفاض توجه الأشخاص ذوي الإعاقة نحو التخصصات العلمية.
كما وأضافت والدة لأحد الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية وإخصائية في التربية الخاصة أنّ عدم تطبيق المناهج للأساليب والوسائل التعليمية التي تدعم احتياجات الطلبة من ذوي الإعاقة، ستوجِد فجوة كبيرة بين الطالب من ذوي الإعاقة مع أقرانه وسيشعر بإختلافِه عنهم وشعوره بالنقص. وأشارت معلمة لطلبة من ذوي الإعاقة السمعية في مدرسة حكومية الى بذلها الكثير من الجهد لإيصال المعلومات بقولها: "التحديات التي تواجِهني كثيرة سببها المادة كثير صعبة، اجتهاد شخصي مني أنا كيف أوصل إلهم المعلومة، غياب للأدوات المساعدة كدليل المعلم والوسائل التعليمية والبطاقات؛ مما يشكل ذلك عبء كبير علينا كمعلمات".
في الختام لا يسعنا سوى التأكيد على أن التعليم وسهولة الوصول للمعلومات هو حق أساسي من حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وبحسب الدكتور محمود المسّاد مدير المركز الوطني لتطوير المناهج أنّ التعليم حق لجميع الطلبة وعليه أن يتناسب مع فئات المتعلمين وطبيعة المتعلم واحتياجاته وقدراته وخصوصياته ومُستواه المعرفي تحقيقاً للكفايات الشخصية والعاطفية والاجتماعية للطلبة ومن ضمنهم الطلبة من ذوي الإعاقة.