اجتمع 60 قائدا شابا من 10 بلدان في الأردن في مؤتمر عقد في الفترة من 16 إلى 18 تشرين الأول/ أكتوبر للتصدي للتحديات والفرص التي يواجهها صانعو السلام الشباب. وكان المؤتمر هو الحدث الثاني ضمن حوارات ويلتون بارك للشباب، التي نظمتها المنظمة بالشراكة مع معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا (WANA Institute)، والمجلس الثقافي البريطاني، وإدارة التنمية الدولية في الحكومة البريطانية.
يشكل الشباب ثلث المتضررين من النزاعات، حيث يعيش أكثر من 600 مليون شاب في المناطق المتأثرة بالنزاعات. ويعاني هؤلاء الشباب كثيرا من صدمات نفسية بسبب عدم قدرتهم على العمل. وقد يرون في الانضمام إلى جماعة مسلحة أو مغادرة بلادهم الخيار الوحيد المتاح لهم. إلا أن العديد من الشباب يسهمون أيضا بنشاط في بناء السلام، وركز المؤتمر على كيفية دعمهم عند قيامهم بهذا الدور.
وأعرب السفير البريطاني إدوارد أوكدن عن سعادته للترحيب بحدث ويلتون بارك في الأردن للمرة الأولى في تاريخه، وقال: "إن قوة التشبيك الفريدة للمنظمة تتيح لنا فرصة عظيمة للاستماع إلى أوسع مجموعة من وجهات النظر حول التحديات العديدة التي تواجه الشباب الأردني، والذين يشكلون 60 في المئة من السكان ويمثلون حقا مستقبل البلاد. لقد استمتعت لسماعي أفكارا جديدة حول كيفية تمكين الشابات والشبان من تحقيق قدراتهم كصانعي السلام".
وانضم صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال إلى الحوار بصفته رئيس معهد WANA. وأشار إلى "أن الطريق الوحيد للانتقال إلى السلام في المنطقة هو بالانتقال من "أنا" إلى "نحن". تحفز حوارات ويلتون بارك الشباب على التفكير في ما يعنيه أن يكونوا مواطنين نشطين، سواء في بلدانهم أو في المنطقة".
وعرض المؤتمر المبادرات المحلية الناشئة التي تمكِّن الشباب، وتناول الكيفية التي يمكن بها توسيع نطاق هذه الأنشطة لتحقيق أقصى قدر من الجهود الشعبية في مواجهة التطرف.
وأوضح مارك كلارك الرئيس التنفيذي لمنظمة أجيال من أجل السلام (Generations For Peace)، وهي منظمة غير حكومية دولية لبناء السلام مقرها في الأردن أن "أفضل الآثار المستدامة لتمكين الشباب بناء التكيف المرن والتماسك الاجتماعي تأتي من تطوير القيم الإيجابية والاندماج بين الأقران من خلال أنشطة التعلم التجريبي التي تستمر بمرور الوقت. نحن بحاجة لإعطاء الشباب الفرصة لإظهار قيادتهم ومواطنتهم المسؤولة من خلال إجراءات صغيرة في مجتمعاتهم الخاصة، وجعلهم يشعرون بالثقة من قبل الكبار والأشخاص ذوي السلطة".
يبلغ الإنفاق السنوي العالمي على أنشطة بناء السلام حاليا 2 مليار دولار، في حين أن الإنفاق العالمي على الآيس كريم هو 9 مليارات دولار! فيما تبلغ كلف الصراع العنيف 13.6 مليار دولار. ومع ذلك، فإن هناك أدلة بأن كل دولار ينفق على منع نشوب الصراعات في المراحل الأولى، يوفر 16 دولارا من التكاليف التي تصب في "النزاع العنيف".
كما ناقش المشاركون دور التعليم في تنمية حس المواطنة لدى الشباب. وعرضت الناشطة في مجال التعليم مزون المليحان (19 عاما) حملتها لتشجيع الآباء على إرسال أبنائهم إلى المدرسة.
قضت مزون نحو ثلاث سنوات في الأردن كلاجئة، بما في ذلك 18 شهرا في مخيم الزعتري للاجئين بعدما أرغمت على الفرار من العنف في سوريا. وخلال ذلك الوقت جعلت مزون حصول المزيد من الفتيات على التعليم مهمتها الشخصية. وانتقلت من خيمة إلى أخرى للتحدث مع الآباء وتشجيعهم على تسجيل أطفالهم. وأدى التزامها إلى تعيينها من قبل اليونيسيف في حزيران/ يونيو 2017 كأصغر سفيرة للنوايا الحسنة في تاريخ المنظمة.
وقالت المليحان: "يمكن أن تتأثر بالصراع والفقر والعديد من التحديات، بما في ذلك فقدان منزلك. ولكن التعليم هو ما يعطي جميع الأطفال الأمل في مستقبل أفضل"، وأضافت: سأستمر في الحشد لكي يصل كل طفل إلى تعليم جيد، ما يمنحهم الأمل ويجلب السلام".
وأوضح المؤتمر نوع العقد الاجتماعي اللازم لدعم ثقافة السلام حيث يتم الاستماع للشباب وتمثيلهم. وقال بارق محادين، الباحث في معهد WANA: "إن العقد الاجتماعي ليس قطعة من الورق، بل هو عملية طويلة الأجل يجب أن تكون لها أفكار واضحة حول ما يتوقعه الشباب من حكوماتهم وكيف يمكنهم المساهمة".
وأوضح محادين: "يريد الشباب العربي عقدا اجتماعيا يقوم على تكافؤ الفرص، سواء كان تعليميا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو سياسيا. فبدلا من مجرد إعطاء الشباب العرب مقعدا على الطاولة، ينبغي أن نعطيهم فرصا متساوية في الحياة. وينبغي أن نعطي المجال للابتكار وفتح الشركات الناشئة، والتعبير عن آرائنا بطريقة بناءة وتطوير قدراتنا الخاصة. باختصار، نود أن نرى عقدا اجتماعيا يعترف بنا كمواطنين لا كرعايا".